وسام حيدر - الانتظام السّياسيّ والاقتصاد التعاونيّ: ما هي متطلبات المرحلة السياسية المقبلة؟
28 تشرين الأول 2020
مرّت سنةٌ وأسبوع على اندلاع انتفاضة ١٧ تشرين، الّتي شكّلت محطّةً من محطّات المواجهة مع منظومةٍ تعتاش على الزبائنيّة والطائفيّة المتجذّرة في كلّ مؤسّساتها. أحرزت بعض النجاحات، كما خسرت في أماكن أخرى. لن أستفيض أكثر بعرض التفاصيل، لأنّ لكلّ مرحلةٍ سياسيّةٍ وقتها، و١٧ تشرين كانت محطّةً من المحطّات الشعبيّة الاعتراضيّة، وقمعت من قِبل نظامٍ طائفيٍّ يديره أمراء حربٍ أهليّة. أمّا اليوم، فنحن نقبع في محطّةٍ جديدةٍ، ولتكن هذه المحطّة فرصة تغييرٍ سياسيٍّ اقتصاديٍّ.
هل العمل السياسيّ يرتكز فقط على الاعتراض والمطالبة والمقاومة الاجتماعيّة؟
١٧ تشرين شكّلت محطّةً مفصليّةً، سمحت لأفرادٍ ومجموعاتٍ أن يظهروا بالشارع الاعتراضيّ في كلّ المناطق. بعض هذه المجموعات قد خاض الانتخابات النيابيّة عام ٢٠١٨، وتطوّر في الميدان السياسيّ مقدّمًا البدائل ومنظّمًا حلقات نقاشاتٍ في المناطق مع الناس. هذا النتاج هو نقطةٌ أساسيّةٌ يجب الانطلاق منها.
قد يكون الانتظام السياسيّ، ضمن مجموعاتٍ سياسيّةٍ، واحدًا من العوامل في العمل السياسيّ. آن الأوان لكلّ شخصٍ غير منتظمٍ سياسيًّا ويريد محاربة هذه المنظومة، أن ينتظم وينخرط بالعمل السياسيّ. كما آن الأوان لكلّ مجموعة أفرادٍ أن تنتظم وتستثمر جهودها في مجموعاتٍ سياسيّةٍ اعتراضيّةٍ قابلةٍ لإنتاج تنظيماتٍ سياسيّةٍ اعتراضيّةٍ صلبةٍ تحمل هموم الناس وتمثّلهم وتساعدهم على التخلّص من القُعر الّذي سقطوا فيه بسبب هذه المنظومة الّتي فشلت على كلّ المستويات.
غير محقٍّ الترويج إلى أنّ مواجهة هذه المنظومة يأتي بحلٍّ واحدٍ وحيدٍ، ألا وهو التحالف مع مجموعاتٍ مقرّبةٍ من ٨ أو ١٤. من يريد أن يخسر سياسيًّا وشعبيًّا وفي صفوفه، فليذهب إلى تلك الخيارات وليتحمّل مسؤوليّة تبعاتها. أمّا عن تصوير غياب خيارٍ ثانٍ، فيجب إعادة النظر في هذه القناعة قبل التفكير بالوصول إلى "الكرسيّ".
فقد يكون الخيار الثاني هو الانتظام، وانخراط أكبر عددٍ ممكنٍ من الناس الّذين ساعدتهم انتفاضة ١٧ تشرين في النزول إلى الشارع مع مجموعاتٍ منتظمةٍ سياسيًّا، التوسّع مناطقيًّا، العمل على الاستقطاب، تنظيم الجهود، ومن ثمّ خلق جبهةٍ سياسيّةٍ اعتراضيّةٍ لها مواقفها السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة الواضحة ولها برنامجها الاقتصاديّ والاجتماعيّ. عندها، تطالب بقانونٍ يجعلها تصل إلى البرلمان، حيث يأتي التغيير الحقيقيّ من هناك، ولو ببطء.
هل التغيّر الاقتصاديّ يأتي على شكل تظاهراتٍ أمام المصرف أو المصارف فقط؟
لا بدّ أنّ التظاهر أمام المصارف قد يحصّل البعض من حقوقنا أحيانًا، لكن ليس دائمًا. إنّ معظم الناس اليوم تَجَوّعت وسُرقت وتدمّرت أحلامها وقتلت وتشرّدت، خصوصًا بعدما فجّرتنا هذه المنظومة في ٤ آب. لذا، حان الوقت لخلق بدائل اقتصاديّة من تعاونيّاتٍ اقتصاديّةٍ تشاركيّةٍ، زراعيّة وصناعيّة وغذائيّة. كذلك، لنخلق شبكات تضامن اجتماعيّة واقتصاديّة بين الناس، لنبني اقتصادًا تشاركيًّا ومنتجًا. هذا ليس صعبًا. قد تكون تجربةً ناجحةً جدًّا، خصوصًا في هذه الظروف بحيث يوجد استغلالٌ لشركات ومصالح مجتمع ال ١٪ لمجتمع ال ٩٩٪.
وسام حيدر
#القوة_للناس