رائد بو حمدان - بين EASTMED وTANAP... فلتكن الكلمة للناس!
2 تشرين الأول 2020
قبل 100 عام، كانت اتّفاقيّة سان ريمو (بين مندوب British Petroleum ومندوب Total آنذاك) الّتي ترجمت اتّفاق سايكس-بيكو حول خطّين لأنابيب النفط بين كركوك وساحل المتوسّط، رسما تاريخ المنطقة وحدودها. اليوم، سيرسم مستقبل هذه المنطقة وحدودها خطّا أنابيب جديدان. هذه المرّة في البحر وليس في البرّ، وللغاز وليس للنفط؛ لكن بمصالح القوى العظمى نفسها ومعاناة شعوب المنطقة ذاتها.
مع دخول لبنان نادي البترول عبر استكشاف غازه في البحر، تضاف عوامل جيوسياسيّة ومصالح اقتصاديّة وتجاريّة دوليّة وإقليميّة إلى العوامل الداخليّة الّتي تتمظهر بتزعزع النظام السياسيّ اللبنانيّ وانهيار النموذج الاقتصاديّ. وتبرز عند المنظومة السياسيّة الحاكمة فرصة جديدة للمتاجرة بثروات البلد ورهنها مقابل دولارات تعيد ضخّ الدم في جثّة النظام السياسيّ الهامدة.
تجاريًّا وبالتالي سياسيًّا، أمام لبنان 3 احتمالات أساسيّة لبيع الغاز المستخرج أو الاستدانة مقابل احتمال بيعه (عمليّة رهن):
١- إنشاء خطّ أنابيب لبنانيّ يوصل الغاز إلى سوق التصريف (أوروبا بشكل أساسي) – هذا خيار غير ذي جدوى اقتصاديًّا؛
٢- التقاء الغاز اللبنانيّ بخطّ أنابيب TANAP التركيّ الّذي ينقل الغاز الأذربيجانيّ إلى خطّ أنابيب TAP باتّجاهه إلى أوروبا؛
٣- انضمام الغاز اللبنانيّ إلى خطّ أنابيب EASTMED الإسرائيليّ-القبرصيّ-اليونانيّ والمدعوم من الاتّحاد الأوروبيّ، كما ستفعل معظم دول المنطقة (مصر، الأردن، فلسطين). وهذا الخيار ذو جدوى اقتصاديّة أكبر، لكنّه سيطرح السؤال: هل اختلاط الغاز اللبنانيّ والإسرائيليّ في خطّ أنابيب واحد يشكّل تطبيعًا اقتصاديًّا!
بين هذه الخيارات الثلاث، تكمن المبادرة الفرنسيّة ويكمن الدور التركيّ وتتداخل المصالح الروسيّة والإيرانيّة والأميركيّة والإسرائيليّة.
عن هذه الخيارات الثلاث تغيب مصالحنا نحن اللبنانيّون واللبنانيّات، بوجود منظومة سياسيّة متحكّمة وفاقدة للشرعيّة الشعبيّة ولا تمثّل مصالح وخيارات الناس الحقيقيّة، انما تمثّل فقط مصالحها الماليّة والسياسيّة. منظومة تتعامل على أنّها "مافيا" تقامر بالبلد والناس والثروات، كما تسعى بكلّ إمكاناتها إلى إعادة إحياء النظام الطائفيّ الّذي يحميها ويحافظ على امتيازاتها.
هذه المعلومات ليست في إطار التحليل الصحفيّ بمنطق المراقب ولا في سياق الترويج لنظريّات المؤامرات الكبرى ولا بهدف القول أنّنا عاجزون أمام الصفقات الدوليّة والإقليميّة... بل هذا كلّه يضعنا أمام مسؤوليّة إسقاط هذه المنظومة الحاكمة الفاقدة للشرعيّة واستعادة القرار للناس (عبر الاستفتاءات الشعبيّة) في القضايا والخيارات الاستراتيجيّة الكبرى، كما في كلّ الخيارات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والبيئيّة والصحّيّة وغيرها...
ففي مشروعنا السياسيّ البديل ومقاربتنا لكافّة المواضيع: الشرعيّة من الناس، الكلمة للناس والقوّة للناس دائمًا وأبدًا.