غنى بو شقرة - إلى أولئك الّذين يحلمون بوطن
- 20 حزيران 2020
بمناسبة اليوم العالمي للّاجئين/ات الّذي يصادف 20 يونيو/ حزيران من كلّ عام، أكتب لأعبّر عن تضامني وحبّي وعن ألمي وأسفي...
لقد خصّصت الجمعية العامة للأمم المتّحدة هذا اليوم لنحتفي بشجاعة وتصميم أولئك الذين/اللواتي أجبروا/أجبرن على ترك منازلهم/هنّ والفرار من الاضطهاد والصراع. ومع تزايد الحروب والأزمات حول العالم، أصبح ما يقارب ال 80 مليون شخص مشرّد في جميع أنحاء العالم.
بعبارةٍ أخرى، اليوم واحد في المئة من البشر يضطرّ لمغادرة دياره للحفاظ على حرّياته أو لإنقاذ نفسه من الكوارث والأزمات، أسياسيةً كانت أم دينيةً أم بيئيةً.
واليوم أيضًا، ما زالوا أؤلئك الذين هربوا/ن بحثًا عن بعض من سلام، يضطرّون/يضطررن لخوض حروب أخرى، بحيث يلجأون/يلجأن ضدّ الظلم والعنصرية والتمييز والأحكام المسبقة.
تعرِّف المادة الأولى من اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين/ات بوضوح، من هو/هي اللاجئ/ة. إنه شخص يمكث خارج بلد جنسيّته أو بلد إقامته المعتادة، بسبب خوفٍ يبرّره التعرّض للاضطهاد بسبب العنصر، أو الدين، أو القومية، أو الانتماء إلى طائفة اجتماعية معيّنة، أو إلى رأي سياسي، ولا يستطيع بسبب ذلك الخوف (أو لا يريد) أن يستظلّ بحماية ذلك البلد أو العودة إليه خشية التعرض للاضطهاد.
لكن حتّى اليوم، ما زال العديد من الناس والجهات السياسية يتجاهلون هذا التعريف، لا بل ينكرونه... فهم يستقبلون من هرب/ت من لعنات بلاده/ها باللعنات والسباب واصفينه/ها بسارق/ة الخيرات والفرص من البلد.
برأيهم، ذلك الإنسان المحمّل بالألم والخيبة هو من يحمل مسؤولية الكثير، الكثير من المشاكل والعلل في بلدنا.
بنظرهم، هم "غرباء" عملهم وتجوّلهم وفرحهم وإنجابهم حرامًا في أرضٍ غير أرضهم.
يبحثون عن الحقوق، ليس للاجئين/ات فحسب، بل للبلد المضيف أيضًا ويضعون تسعيرةً لاستضافتهم/هنّ.
لنأخذ لبنان على سبيل المثال.
رغم أنّ لبنان ليس طرفًا في اتفاقية عام ١٩٥١ الخاصّة بوضع اللاجئين/ات، إلّا أنّه يكرّس في مقدّمة دستوره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يتضمّن نصًّا صريحًا يقضي بحقّ التماس اللجوء هرباً من الاضطهاد، ماحضًا هذا الحقّ قيمةً دستوريةً. كما أنّه تعهّد في مؤتمر "أصدقاء سوريا للدول المانحة في بروكسل" في أبريل/نيسان 2018 بالتزامات مهمّة تتعلّق بحقوق اللاجئين/ات، بما في ذلك وضع الإقامة والتعليم والحماية القانونية وعدم الإعادة القسرية.
لكنّ هذا لم يمنع بعض الجهات السياسية والسلطات من المطالبة بعودة اللاجئين/ات ومن تشديد القيود عليهم/هنّ عبر وضع عراقيل أعاقتهم/هنّ من الحصول على الخدمات والمساعدات، وذلك بعد استخدامهم لحجة استضافة اللاجئين/ات للتسوّل واستجداء المساعدات من الدول المانحة والمنظّمات الدولية.
وفي كلّ خطاب سياسي أو برنامج تلفزيوني، استخدموا اللاجئين/ات لتبربر تقصيرهم وهزل أدائهم في مناصبهم، متناسين دورهم في بناء الدولة للناس، أكانوا مواطنين/ات أم لاجئين/ات.
أمّا عن بطش البلديات وظلم بعض اللبنانيين/ات اللاجئين/ات، فحدّث ولا حرج... أو حدّث والكثير من الحرج!
اليوم، أودّ أن أقول أنّه من واجبنا أن نرى الإنسان إنسانًا بعيدًا من أيّ تصنيفات. من واجب أيّ بلد أن يحمي شعبه وأن يحمي من يلجأ إليه بحثًا عن الأمان. من واجبنا أن نحافظ على كرامة الإنسان، وليس بداعي الشقفة تجاهه. من واجبنا ألّا نحكم بالموت على من أجبرته الظروف على اللجوء. من واجبنا أن نتّحد بوجه الظلم والاضطهاد. ومن حقّنا أن نعيش بسلام وطمأنينة في دول تحضن إنسانيّتنا وطموحاتنا وأحلامنا.
اليوم، نحيي اليوم العالمي للاجئين/ات، عسى أن تصبح الحكومات حاميةً للناس وأن يجد كل لاجئ/ة وطنًا وموطنًا.