16 حزيران 2020
هذه كانت الكلمات الأخيرة للناشطة المصرية "سارة حجازي" البالغة من العمر ٣٠ عامًا.
انتحرت سارة عشيّة يوم السبت ١٣ حزيران ٢٠٢٠، والسبب: تعذيبها نفسيًا، جسديًا، معنويًا، اجتماعيًا...
كانت السلطات المصرية قد ألقت القبض على سارة في شهر تشرين الأوّل ٢٠١٧ بسبب رفع علم قوس قزح (شعار المثلية الجنسية) في حفل غنائي ل"مشروع ليلى" أقيم في أيلول ٢٠١٧.
اتّهمتها النيابة العامّة المصرية بالانضمام إلى جماعة محظورة تروّج "للفكر المنحرف". لكنّها نفت تلك الاتّهامات وقالت أنّها لوّحت بالعلم تضامنًا مع حقوق المثليّين/ات.
تعرّضت سارة لأشكال متعدّدة من التعذيب في السجون المصرية، كما تعرّضت للتحرّش المؤذي. وبعد أن أخلي سبيلها من سجون مصر عام ٢٠١٨، لجأت إلى كندا التي اعتبرتها مقرًّا آمنًا لها.
كانت سارة ناشطةً في المجتمع عبر الدفاع عن حقوق المثليّين/ات في مصر، كما كانت من مؤسّسي حزب "العيش والحرية".
على الرغم من أنّ المثلية ليست جريمةً في مصر، إلّا أنّها تحت طائلة القوانين التي تمنع الفكر المنحرف،
كما يتعامل المجتمع مع المثليّين/ات جنسيًا على أنّهم/هنّ "منبوذون".
قامت سارة بترك رسالة متوجّهةً بها إلى أخواتها: "حاولت النجاة وفشلت، سامحوني"؛ وإلى أصدقائها قالت: "التجربة قاسية وأنا أضعف من أن أقاومها، سامحوني"؛ وتوجّهت إلى العالم قائلةً: "كنت قاسيًا إلى حدّ عظيم، ولكنّني أسامح."
ليست سارة الوحيدة التي تعرّضت لهذه الأساليب العنيفة. فكلّ يوم في مجتمعاتنا التقليديّة، يتمّ تهميش وتجريح وتعذيب شخص مثل سارة.
لذا، نؤكّد دائمًا على أهمّية التزام لبنان ومصر وكلّ دول العالم العربي بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي ينصّ على أنّ جميع الناس متساوون في الكرامة ولهم/هنّ الحقّ بالتمتّع بحقوقهم/هنّ، وأن يقترن ذلك بمعاملة عادلة ووقف حالات الأذى والعنف الّتي يقع غالبًا ضحيّتها المثليّون والمثليّات وثنائيّو/ات الميول الجنسية ومتغيّرو/ات النوع الاجتماعي والمتحوّلون/ات جنسيًا. بئسًا، لقد أصبحنا في القرن الواحد والعشرين، والعقلية الجاهلة ما تزال متجذّرة بيننا.
لن نسكت على جريمةٍ كهذه، لن نكون شركاء في القمع، وكما يقال: "الساكت عن الحقّ شيطان أخرس." يكفينا شياطين خرس، يكفينا ظلم، يكفينا تعذيب وعنف وإذلال للبشرية.
اليوم، خسرنا سارة ومن يدري كم سارة سنخسر بعد. للإنسان الحقّ بأن يحبّ من يريد، ويعيش كما يريد،
ولا يحقّ لنا أن نعاقب الإنسان على فكره وجسده ومنطقه في الحياة. فلنعترف بحرّية الحبّ، من أيّ جنس وعرق ودين وأصل كان. حياتنا ليست ملكًا لأيّ قانون. عارٌ على بلادٍ حرّمت الحبّ واعتبرته جريمةً وأشعلت حربًا لا يمكن إطفاؤها.
من لبنان إلى مصر، فلنكن شعبًا واحدًا تحت شعار "الإنسانية"، ولنخلق مجتمعًا صالحًا عادلًا، صاحب كلمة حقّ.
لم تعد صفة الإنسانية تليق بأيّ سلطة، ولن تليق بأيّ سلطةٍ طالما حقوق الإنسان معدومة!