رفيق غريزي - طواغين بيروت
19 شباط 2020
عذرا من الأديب توفيق يوسف عواد الذي قص لنا رواية "طواحين بيروت"، عن بيروت حرب الأهلية، والدمار والخراب والعبث بحياة الناس، عن حواجز الهوية، حواجز الطوائف، عن أحياء مسيحية وزواريب اسلامية، وعن ضواحي درزية، وجيرة أرمنية.
أستمحيك عذرا، سأفسد اللغة، وسأستعير عنوان روايتك التي قيلت في بيروت في زمن الحرب، لأقص عن بيروت في زمن ما يسمى السلم. أو بالأحرى، أصبح لبيروت وللبنان، لكل بقاع الوطن، زمن جديد زمن الثورة.
سأفسد اللغة، وأتكلم عن بيروت التي أنجبت الثورة. من أنجب الثورة؟! انهم "طواغين بيروت" هم الذين أنجبوا الثورة. لماذا طواغين، لأنهم طغاة بمفاعيل الطواحين. طغاة طحنوا كل القيم والمبادئ ومن إخلاص ووفاء.
طواغين بيروت هم الذين جعلوا منها حطاما، ومن شعبها ركاما، يفتح يديه وقلبه إلى السماء فيصرخ لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
ويسألون من هم الطواغين؟! انهم أرباب الطوائف والمذاهب من رجال دين وزعماء وشركاء الله في حكم العباد.
لقد بات زعيم كل طائفة يذكرنا بطاغية، فهذا يذكرنا ببشار الأسد، وذاك يذكرنا بأحمدي نجاد، وآخر بترامب، وحتى أن امبريالية ترامب يتقمصها نقيضه.
مع المفارقة بأن أي من الطواغين، باستثناء ترامب، يدعي الديموقراطية. فيما طواغين لبنان يحاضرون صباحا وظهرا ومساء بالديموقراطية، وألد أعداءهم الحديث عن التداول على السلطة. وما ان يدخل لاعب جديد على اللعبة السياسية، حتى يسارعوا بتحميله مشروع في محاولة لاخراجه من الساحة السياسية.
ما عاد هنالك للخوف من مكان في قاموسنا. لم نعد نخشى، ولن نترك الخوف الذي زرعوه أن يحتل قلوبنا. لا بد أن يسقط الطاغون، ولا بد أن يسقط معه مخابراته وعملاؤه وصبيته وفتيانه.
وأخيرا، على الرغم من كل هذا الظلام الذي يمر فيه الوطن، على الرغم من هذا النفق الأسود الطويل، إلا أن هناك في نهاية النفق هناك نور سنبصره عما قريب...عندها سنحكم أنفسنا، بأنفسنا ولن نفتقد للطاغون.