رائد بو حمدان - نحو برنامج عمل حكومة "منحازة للناس"، التغيير المنشود شكلاً ومضموناً
17 كانون الثاني 2020
ان رفض الناس لحسان دياب وأي حكومة قد يؤلفها قد انطلق من كونه يناقض المعايير التي فرضتها الثورة المطالبة بحكومة مؤقتة تكون برئيسها وأعضائها من خارج المنظومة الحاكمة وبعيدة عن نهج التسويات والمحاصصة المتبع منذ عقود، وهو رفضٌ يتعدى الأشخاص بل هو نابع من اليقين ان أي حكومة ستنتجها تسويات المنظومة لم ولن تكون قادرة على معالجة ما سببته نفس المنظومة من خراب وأزمات. فالتغيير المطلوب هو تغيير بالنهج والسياسات والبرامج وليس فقط بالأسماء والوجوه. خاصة ان المرحلة الحالية هي مرحلة ازداد فيها قلق الناس على الوضع المعيشي والاقتصادي. أصبح الهم الأساسي هو المبلغ المتبقي في المصرف واستمرارية الراتب واستدامته وقدرته الشرائية. وأصبحت الحاجة أكثر الحاحاً لوجود برنامج منحاز للناس يوضح مسار إدارة الازمة وخطة الخروج منها وآليات توزيع تكلفتها بشكل عادل، أي تجنيب دفع أثمانها لأصحاب الدخل المتوسط والمحدود بل تأمين العدالة من خلال تحميل الكلفة للأوليغارشية الحاكمة التي جنت الأرباح وراكمت الثروات خلال العقود الماضية بسبب سياسات اقتصادية معادية للناس انتهجتها الحكومات المتعاقبة.
عليه، قدمت منظمة لحقي مشروعها لبرنامج عمل حكومة انتقالية منحازة للناس من باب رفض الطروحات الحكومية البالية (من الحريري الى دياب وما بينهما) ومن باب تدعيم هذا الرفض ببرنامج واضح يحدد وجهة المرحلة المقبلة من مسار الثورة. فاليوم أصبح لوجود برنامج حكومي إنقاذي ضرورات عدة تتلخص بالنقاط التالية:
١- من الصرخات الثوار الى برنامج واضح
لا بد من تحويل المطالب والشعارات والصرخات التي ملأت الساحات الى برنامج إنقاذي واضح وواقعي يحمل إجراءات وخطوات محددة تحقق العدالة الاجتماعية والاقتصادية والمساواة وتؤمن الحقوق وتضع النظامين السياسي والاقتصادي-الاجتماعي في مسار يحقق انحيازهما للناس.
٢- بماذا نقارن الإجراءات التي ستفرض علينا؟
سيحتاج الشارع الى البرنامج الأكثر العدالة والأكثر مواءمة لتطلعات الثورة والذي يوضح ويقدم سياسات منحازة للناس للخروج من الازمة ويكون الbenchmark ليقارن به السياسات والقرارات والإجراءات التي ستتبعها اي حكومة قادمة، فيقبلها او يرفضها.
٣- وحدة قوى الثورة... حول برنامج وسياسات
وحدة وتنسيق الساحات والخيم في المناطق (وهو أكثر فعالية وقرباً للحقيقة من تنسيق ما يسمى بالمجموعات السياسية) والتقائها حول رؤية مشتركة لمسار الثورة لا يمكن من دون برنامج واضح يناقشه ويختلف او يتفق حوله الثوار والثائرات ليحدد "ما تريد" الثورة في المرحلة المقبلة وليس فقط ما "لا تريد".
٤- البرامج هي التغيير المنشود وليس الأشخاص
الدخول في بازار الاسماء وترشيح الشخصيات لرئاسة او عضوية الحكومة هو متاهة لا تصب الا في تشتت أهداف الثورة وشخصنة مكاسبها. فلا يمكن لأي فرد او مجموعة أفراد من المستقلين او المعارضين مهما كانت قدراتهم الشخصية ان يحققوا أي اثر او ينتجوا أي تقدم في الوضع السياسي والاقتصادي الاجتماعي إلا من خلال برنامج وزاري واضح تلتزمه الحكومة مجتمعة في بيانها الوزاري. ان ثقافة البرنامج بدل الأشخاص هي استراتيجية اتبعتها لحقي في انتخابات ٢٠١٨ واثبتت فعالية وأثر في تعزيز ثقافة متقدمة بإعادة تعريف السياسة.
٥- في الثورة، بدائل سياسية جدية!
برنامج حكومة الناس هو الدليل القاطع على ان البدائل موجودة وهو يسقط ما يروج عن غياب المشروع والرؤية في شارع الثورة. بل ان البيان الوزاري المطروح يظهر قدرة وجهوزية على تقديم الحلول والبرامج والخطط وإدارة البلد حتى في احلك اللحظات وأصعب الأزمات.
٦- نقاش عام حول العدالة الاقتصادية، ليس حصراً على الخبراء
في ظل غياب أية طروحات جدية من كافة احزاب السلطة حول كيفية إدارة الأزمة ومحاكاة هواجس الناس المعيشية والمالية والاقتصادية، تبرز الحاجة الى فتح نقاش عام يخرج من دوائر الخبراء حول الحلول والمخارج والاحتمالات والإجراءات التي تؤمن العدالة في إدارة الازمة وبالتالي عدم تحميل اعباءها الى الاكثرية من اصحاب الدخل المتوسط والمحدود، بل الى الأقلية من اصحاب رؤوس الأموال والذين جنوا الأرباح وراكموا الثروات خلال عقود من إفقار الدولة.
٧- ملامسة نبض الناس واستعادة زخم التحركات
ان وجود إجراءات واضحة وسياسات محددة من ضمن برنامج إنقاذي سيساعد في استعادة النبض والزخم للتحركات في الشارع، فالحماس للمشاركة سيزداد مع تحركات تلامس هموم الناس الآنية وهواجسهم بشعارات واضحة ومطالب محددة واهداف معروفة.