مايا عزالدين - المرأة والسياسة: كيف يتم تكريس الأبوية عبر ممارسات يومية
4 تشرين اول 2019
مازالت القيم الأبوية راسخة مي مجتمعنا وهي كفيلة بأن تجعل انخراط وتمثيل المرأة في العمل السياسي أمر في غاية الصعوبة. يقول كوماث اسواث ان القيم الأبوية ستستمر دوماً برفض فكرة ان المرأة قادرة على الامساك بزمام الأمور واتخاذ القرارات السديدة والواعدة. إن القيم الأبوية ليست شيئأ من الماضي بل هي ما زالت حاضرة في ممارسات يومية نشهدها في مختلف الأطر الاجتماعية والسياسية والمهنية.
ربما نكون قد اعتدنا على تقبل هذه الممارسات الأبوية سيما انها متجذرة بحياتنا وعاداتنا اليومية منذ عصور. الا انه لا بد من تسليط الضوء عليها لكي نعي خطورتها ولكي ننقلها من عالم اللاوعي الى عالم الحقائق الملموسة.
السلوكيات التي تكرس صورة المرأة الضعيفة والاقل ذكاءً هي من الممارسات الابوية الخطيرة:
١. تصوير المرأة كمخلوق ضعيف غير قادر على اخذ قرارات ذكية.
هي التي تهتم بأشياء "سخيفة" وتحب الثرثرة مما يجعلها اقل كفاءة وذكاءً من الرجل. ويظهر هذا جليا" في الاحزاب التقليدية التي لطالما تسند السلطة للرجل حتى بوجود امرأة أكثر كفاءةً وحكمة.
٢. اعتماد الاستهزاء والسخرية.
كثيرا ما نرى ان النساء المنخرطات في الشأن العام يتعرضن للسخرية لتصرفات قد يتقبلها الناس بشكل طبيعي اذا بدرت من الذكور. ولا يختصر الأمر على الوجوه المعروفة فكثير ما تتعرض المرأة في بداية نشاطها للسخرية على رأي قد يرى فيه الغير قلة نضوج و ضعف حنكة الا انه قد يكون يحمل الكثير من الصحة ولكنه يقدم منظور مختلف للأمور. السخرية، بحسب د. لازاروس، تعتبر نوع من العداء المقنّع. فالكثير ممن يتعرضن للسخرية يشعرن بخيبة الأمل وقلة الثقة بالنفس حتى وان أظهرن ابتسامة على وجوههن.
٣. اللجوء إلى المس بالسمعة.
ربما تكون هذه من أكثر الممارسات السائدة سيما في مجتمعاتنا حيث يلجأ البعض، رجال ونساء، لتخويف المرأة بما يسمى شرفها او عفتها. انه السلاح القاتل لكل امرأة تخاف على أن تكون مصدر عار لابٍ او أخٍ او ابن. يتجلى هذا المفهوم في تقاليد كثيرة تقيّد حرية المرأة كاستهجان خروجها ليلاً خاصة إذا كان الهدف حضور اجتماع او نشاط سياسي. فبعض العبارات مثل "شو صاير عليك" او "ما في غيرك مرأة بيناتن" كفيلة بأن تجعل المرأة مترددة بالمشاركة بالعمل السياسي. ناهيكم عن لجوء البعض لتشويه سمعة نساء في الشأن العام والمس بكرماتهن وحياتهن الشخصية مما يشكل مصدر قلق لناشطات أخريات. تقول د. نوال السعداوي انه اذا الرجال هم السادة في المجتمع دعوا النساء إلى الإلتزام بقيم الشرف والعفة ليضمنوا خضوعهن.
٤. الهيمنه عبر تكريس الابوية.
يعتبر هوفستيد الذي أجرى دراسات حول الفرق بين الثقافات ان المجتمع العربي وضمنه اللبناني تسود فيه غلبة القيم الذكورية(65%) على حساب الانثوية وهي تتمحور حول البطولة، الحزم والإنجاز مقابل التواضع والتعاون ونوعية الحياة. وبحسب هشام شرابي، فإن البطركية او النظام الأبوي يقوم على التراتبية بين افراد المجتمع "حيث يخضع بموجبها البعض للبعض الآخر، يسميها ذهنية أبوية تأخذ نزعة سلطوية شاملة ترفض النقد ولا تقبل بالحوار الا أسلوبا لفرض رأيها فرضًا" (محمد أحمد الحميري). وهكذا يقوم الكثيرون بفرض الخيارات واخذ المبادرات بشكل مستمر بحيث يتم الإيحاء ان الانجازات لن تتم وان الوضع سيكون كارثي من دون ذلك 'الاب' الذي يمسك بزمام الأمور.
وهكذا تكون المرأة أمام كل تلك التحديات بالإضافة إلى العوائق الأخرى التي تتعلق بدور المرأة كام وربة منزل وعاملة. إن انخراط المرأة في العمل السياسي لم يعد رفاهية بل هو ضرورة يجب أن يعمل لأجلها الجميع لكي يكون هناك توازن في كافة الصعد الحياتية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. لذا علينا أن نبدأ بالمساهمة ببناء مجتمع اكثر عدلا وان نعي ان الأشياء التي قد تظهر طبيعية وبديهية يمكن أن يكون لها نتائج كارثية.