14 نيسان 2021
شبكات التضامن والاشتباك مع السلطة
نواجه أقصى درجات الاختناق الإنسانيّ. فيومًا بعد يوم، نشهد المزيد من التدهور على جميع الميادين. الانهيار يلاحقنا، يرهقنا، يربك ويزعزع يوميّاتنا. ورغم ذلك، لا مفرّ من المواجهة. لكن كيف؟
الاشتباك في الطرقات والساحات لم يعد يكفي وحده. ثمّة شكل آخر من النضال، لا غنى عنه، تفرضه الظروف المستجدّة بفعل الانهيار الماليّ والاقتصاديّ.
لقد تطوّرت وتفاعلت الأزمة على نحو باتت تدمّر فيه الكرامة الإنسانيّة للمواطنين والمواطنات. وهذا واقع يفرض علينا العودة إلى التفاعل والتضامن مع الناس، المنكوبين.
بالطبع، طرق الاشتباك متعدّدة، ومنها، بل أهمّها إنشاء شبكات أمان وتضامن للناس تكون أهدافها:
١. ضرب فكرة الزبائنيّة من خلال فكّ ارتباط الناس بالأحزاب والزعماء: دفع الناس نحو التعاضد والتكاتف، أي أن تساعد وتتساعد، أن تعاون وتتعاون. بمعنى آخر، علينا دفع الناس ليتمكّنوا من تحرير النفس من نزعة الخضوع المفرط.
٢. تغيير مفهوم السياسة من خلال إبراز الحقوق: ثقافة انتزاع الحقوق وفرضها من دون أيّ منّة أو "صلبطة" هي جوهر تجديد الكرامة الإنسانيّة.
٣. فرض أولويّات الناس بدلًا من الإذعان إلى الخوف والمصالح الشخصيّة.
تنظيم "لِحَقّي"، في الكثير من المناطق، يدعم خلق شبكات تضامنيّة، ركيزتها سكّان الأحياء والشوارع من كندرجيّ/ة، خيّاط/ة، عمّال، موظّفين وموظّفات... هي شبكة من التعاون والعمل المتبادل. هي مساحة آمنة ديمقراطيّة، لا صوت فيها يعلو على صوت التكاتف.
أمّا أهدافها فهي:
أوّلًا، استلام الناس زمام أمور الشبكة، أن تسعى لتنظيم نفسها وتنظيم المهمّات الملقاة عليها، مع التشديد على ديمقراطة الشبكة.
ثانيًا، تحويل مهامها المستقبليّة إلى لامركزيّة محلّيّة، من خلال تكوين لجان أحياء من سكّان الحيّ والمنطقة.
هذه الشبكات تطوّر نفسها بنفسها لتصبح لاعبًا أساسيًّا محلّيًّا، يفرض نفسه ويتيح للسكّان انتزاع الحقوق وفرض الأولويّات من خلال الديمقراطيّة التشاركيّة والمباشرة. فنصبح جميعًا لاعبين مؤثّرين وديمقراطيّين في وجه بلطجة وسيطرة الأحزاب الزعماء والإقطاعيّين.
إنّ خلق واحة من الكرامة في صحراء التسلّط هو خطوة ضروريّة لاستمرارانا في حفر قبور من أوصلنا إلى هذه المأساة الإنسانيّة.
بيار الخوري
#القوة_للناس